ثورة القذافي .. علي عبدالله صالح .. بوتفليقة .. بن علي .. وتوريث مبارك
أبو ذر الغفاري للـعرب: ... كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه ..!!
د. بكر صالح الطيار-بانوراما عربية
باتت التحركات الشعبية في عدة دول عربية مثل عود الثقاب إذ ما إن تشتعل إحداها حتى تنقل العدوى مباشرة إلى أخرى الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة عن خلفيات تزامن هذه التحركات، وأسباب اندلاعها بهذه القوة، وعن عناوين التغيير التي تحملها، وعن قدرة الأنظمة على مواجهتها خاصة وأنها تبدأ تحت شعارات مطلبية معيشية ومن ثم تتطور إلى دعوات لإسقاط حكام أو لاستقالات حكومات.
هذه الأمور جديدة في القاموس السياسي العربي، إذ لم يسبق أن حصلت انتفاضات شعبية كان من نتيجتها إزاحة أنظمة، بل ما كنا نسمعه دائمأ كان عن حركات انقلابية تتم غالباً على أيدي عسكريين يتولون الإمساك بزمام السلطة لفترة زمنية تمهيداً لانتخابات (حرة) من أجل حياة أكثر (ديمقراطية) ومن ثم تتحول الفترة الإنتقالية إلى فترة دائمة تمتلك كل مقومات التمديد لنفسها تحت شعار أنها (مطلب شعبي) أو (استجابة لنداءات وطنية) أو نزولاً عند رغبات (99.9 في المائة) من كافة الشرائح الاجتماعية.
اليوم لم تعد تحركات العسكريين تنفع، وما عادت موضة دارجة إلا في بعض نواحي أفريقيا، أما في العالم العربي فقد بات اللجوء إلى الشارع من جيل الشباب هو القوة الفعلية التي تمتلك أدوات التغيير، ولغة التعبير، وتصور واضح عن تقرير المصير. والسبب أن جيل الشباب باتت نسبته مرتفعة في تعداد السكان، إضافة إلى أن جيل الشباب هو من المتعلمين والمثقفين وخريجي الجامعات من الذين لا يستكينوا بسهولة لنداءات قد يطلقها زعيم أو لقرارات قد يتخذها مسؤول ما لم تكن هذه النداءات أو القرارات مقنعة وقادرة على الإنسياب إلى العقل، وذات منفعة من حيث انعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.
جيل الشباب اليوم بات متابعاً بشكل دقيق لما يحصل في العالم من متغيرات وتحولات، ومراقباً بشكل حثيث لكل التحديات التي تستهدفه آنياً على المدى القصير أو استراتيجياً على المدى البعيد، وذلك بفضل ثورة الاتصالات والمواصلات التي أتاحت لكل شعوب العالم تحصيل نفس القدر من المعرفة والطموح ومتطلبات الحياة الكريمة. ويبدو أن هذه المسائل كانت غائبة عن بال بعض الرؤساء العرب ممن وصل إلى السلطة وبقي فكره أسير هذا التاريخ متناسياً أو غافلاً عن أن الزمن في حال تغير دائم، وأن العالم قد تجاوز العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
أليست هذه هي حال (الثورة الطبية) التي قام بها زين العابدين بن علي ضد الحبيب بورقيبة منذ 23 سنة، (وثورة الكتاب الأخضر) التي قام بها معمر القذافي منذ العام 1969 في ليبيا، و(ثورة العسكر) التي قام بها الرئيس علي عبدالله صالح في اليمن عام 1978، و(ثورة التحرير) التي ورثها عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر عام 1999، ووراثة السلطة من الرئيس أنور السادت التي آلت إلى الرئيس حسني مبارك منذ العام 1981.
... النتيجة كانت شيوع البطالة، واستشراء الفساد، وغلاء المعيشة، ومحدودية الرواتب، وارتفاع المديونية، وقلة الإنجازات، وضعف النمو، وكثرة المتسلقين جدران السلطة التي لم تبخل عليهم بالمراكز والعطاءات والمناصب والتسهيلات. ولذا ليس مستغرباً أن نشهد اليوم ما نشهده في تونس والجزائر وليبيا واليمن ومصر.
ألم يقل الصحابي أبو ذر الغفاري منذ أكثر من ألف سنة: عجبت ممن لا يجد في بيته رغيف خبز كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه ..!!.