الشاعر الكبير سومر عبد اللطيف حبيب عيد الصالح آل يوسف بشمان اللاذقية حرف المسيترة مزرعة القلع
الشاعر سومر عبد اللطيف يوسف في حوار حول الشعر والحب والطفولة وهموم الحياة
الوحدة
ثقافة
الأربعاء 21 / 3 / 2007
حاوره : مالك الرفاعي
والشعر... الشعر تخاييل, وصور, وألفاظ, موحية, وابتكار, بعد موهبة من الواهب الأعلى..
تهندسه صناعة نبيلة.. ومتى تواشجت هذه الدلائل والمكتنزات كانت القصيدة قاب قوسين من الإبداعين الفني والأدبي, اللذين لا يعلى عليهما.
وهل تدري يا أيها الشاعر السومر اللطيفي اليوسفي..
لماذا أعجب بالقصيدة وأطرب لها?
لأنها صنع يديك, وفيض موهبتك... والحال إياها تراودني وتأخذني.. فأراني عاتباً عليك.. بعد كل التساؤلات.. إلى متى يبقى هذا الشعر الأكمل والأجمل طي الكتمان... مختبئاً في رفوف مكتبتك? أو أدراج جيوبك, أو متناثراً هنا.. وهناك? أليست لك عبرة بشاعرنا الأكبر والدك? ألست على يقين بأنه لو نشر ما كتب, وكتب ما كان قيد موهبته الإلهية الفيض.. لسمعته واستمعت إليه كل الذائقات العربية المتأصلة.. في وطننا العربي الكبير?
فهات قصائدك المهندسة إلى بياض دار النشر لتكون بين أيدي المتذوقين الذين من حقهم عليك أن يقرؤوك.. مع الشاعر سومر عبد اللطيف يوسف ابن الاسرة الشاعرة والسلالة الغيثية الأرحب.. كان لنا الحوار التالي: فماذا في تضاعيفه ومضامينه?
*ما عمرك الزمني والشعري وماذا عن بداياتك?
أما عن عمري الزمني فأنا من مواليد 17/9/1975 وأما عن عمري الشعري فأنا من مواليد القصيدة التي لا تنتهي.
بداياتي آخر ما سوف أكتبه في حياتي.
* ما علاقتك بالحزن الذي لا يكاد يخفى إلا ليظهر في قصائدك?
هي علاقة وج
ود... أنا حزين إذا أن بصحة شعرية جيدة قلت ومنذ سنين:
أنا ذلك الجرح القديم مقطب باليأس مشدوه العرى ملجومُ
من كرمة الحزن العتيق ثملتها كأساً كأن مزاجها زقوم
وأقوم يقعدني الشقاء كأنما هذا الشقاء بجانبي مقيم
* الأشكال الشعرية التي تتناولها ما مسوغاتها?
لم يكن شكل القصيدة إلا آخر همي... بلى تعجبني ذات الجمال العربي الأصيل فهي بكر أخواتها لا شقيقاتها في تلك السلالة المرهفة التي تنحدر أصولها من أرحام التاريخ المتجذر في عمق الصحراء مولد النبوءات ومهد الحضارات.
الكلمة الشاعرة ليست وليدة صدفة وإن جاءت بها الصدفة فإن لها ما وراءها يُخلق لما أمامها.
إن في كل جميل (لقصيدة) لا نستطيع أن نرى شكلها قبل التصوير, حتى إذا ما تبدت لشاعرها جسّدها لقارئها بلغته لا بلغتها, فالكلمة هي أم العصور التي لا تشيخ بعيون أبنائها.
* ماذا عن نتاجك من القصائد وما مدى تأثرك بمن قبلك من الشعراء?
حوالي ثلاثة دواوين نشرت بعيضها متفرقات في الصحف و(ألقي) كثير منها في المهرجانات و(سلال المهملات) أما عن مدى تأثري بمن قبلي فهو كتأثرهم بمن قبلهم على ألا ترى تيجان الزهور في خلية العسل, وذلك هو الدور الذي تتفرد به النحلة.
* الحب والشعر والطفولة.. حدثنا عن هذه الأقانيم?
عم أحدثك... وفي كل واحد أسرار ألوهة! أقول لك:
طلبت بعيداً لو ملكت زمامه لما وسعت رحلي سماء ولا أرضُ
ثلاثة أشياء هي الكون كله وكيف عن الكّلي يُستَفْسَرُ البعض
* أنت ابن شاعر كبير هل ترك والدك بصماته الشعرية على أسلوبك ?
كما تترك الشمس بصماتها على وجوه عرب البادية (وأرجو أن تمعن النظر بالجواب..) .
* أين أنت من المرأة وأين هي منك?
قاب ضلعين أو أدنى وأنا منها حيث تراني, إنها من جعلتني شاعراً ولكنها لم تحاول أن تسمع شدوي فهي مشغولة دائماً بإعداد ما يجعلني أكتب..
*كيف تنتقي اللفظة الشعرية الحداثوية وتوظفها في قصيدتك?
يحضرني الآن قول أحد النقاد: الكلمات ملقاة على قارعة الطريق . يعجبني هذا القول ولكنني أراه من نافذة التأليف لا من باب الإبداع فالورد أيضاً ملقى على قارعة الربيع ولكن يا قلة العطارين.
فالناقد أحضر البحر ليبلو السباحين أجل على الشاعر أن يكون مهندساً لديكور القصيدة ولكن بعد خلقها كقول الله تعالى: (خلقناكم ثم صورناكم), وأنا من جهة أخرى لا أرى في الشعر كلمة ناشزة على الإطلاق (ومع احترامي الشديد للنقد والنقاد) اللهم إذا أحسن شاعرها التعامل معها ومع أخواتها في المقطع أو الشطر أو غير ذلك.. حتى كلمة (أيضاً) على حالها التقريري وكلمة (سجنجل) على ثوبها الجاهلي وغير ذلك من الكلام « المتّهم » أقول: الفنان هو مازج الألوان, والكلمة لا يقبح وقعها في القلب إذا حسن تحليقها في السرب ومن هنا وهناك أرى التحديث في روح القصيدة أهم بكثير من التحديث في جسدها وإن كان أكثر إغراء لمراهقي الصنعة.
وقد رأينا الحداثة حتى في جاهلية امرئ القيس وفي إسلام (كتاب الله) وفي عصرية أدونيس والأمثلة كثيرة لا مجال لذكرها هنا.
* كيف تنظر إلى دور الشعر في الحال الثقافية الراهنة?
هل قلت الراهنة?
مفصل عل مقدارها كدورها هي الأخرى في الحال الاجتماعية الراهنة (لا أفجعك الله بعزيز).
*الشعر والفلسفة وعلم الجمال ما العلاقة فيما بينها?
ثلاثية الفكر الأدبي التي لا يستعاض عن واحدة بأخرى على ألا تكون القصيدة نصاً فلسفياً محضاً أو تقريراً مفصلاً عن حال (ما) رآها أو أحسها الشاعر . فالقصيدة هي الخمرة معتقة في خوابي الجمال مرفوعة بكؤوس الفلسفة.
* بماذا تريد أن تختم?
بالحب للجميع بالأمنيات والدعاء , (لمرضى القلوب) بالشفاء, وللإنسانية بالرخاء وأرجو من الله أن تسقط من قاموس النفوس مفردة (الجشع) فيباركنا رغيفنا ونباركه, وألا (تخوننا) رائحة الخبز المحترق على تنور الانتظار فنفقد الثقة بجوعنا المخلص.
والسلام للوفاء الأبدي للكلمة الشاعرة.
*وبماذا تحب أن تودع القراء شعراً في هذا الحوار?
فاتنا أن نذكر عمالقة الشعر المقاوم الذي لا نستطيع أن نرقى إلى حدود موهبته الاستشهادية: إليك بعض أبيات من قصيدتي في المقاومة وفتاها:
لُث عمة المجد ما اغرتك تيجانُ «نصر» وبردتك العصماء أوطانُ
لث عمة النصر معقوداً بغرتها على اسم بشار: لا ذلوا ولا هانوا
من ( صور) هذا المدى الممتد ما كذبت فيه العيون ولا خانته آذانُ
في الذي حبلت فيه قرون وأحقاب وأزمان
من (صور) تختصر الأمجاد في رجل كأنه في زمان الشرك قرآن
حيَّ عليك صلاة السيف ما كفرت يوم الجهاد يد و السيف إيمان
حي على حكمة الشجعان سار بها من (بازوريته) الشماء لقمان
حي على الطلقة العذراء شدّ على طُهر الزناد بها شيخ ومطران
خير المآذن في الإسلام فوهة تسبح الله منها اليوم نيران
ختامية المسك:
أن يتعطر أدبنا المعاصر بهذا الألق المذاب, والعبق الإبداعي المطيب وليس الحق في كل ذلك إلا على أصحاب المواهب..