العراقي مشرف على فنجال قهوه مسائى مواضيع للنقاش الجاد والمنتدى الاقتصادى & السياسى والكوره
- : . : عدد الرسائل : 1201 العمر : 45 جنسيتك : تاريخ التسجيل : 25/10/2007
| موضوع: خاطرة من نوع ثاني ((صباح الخير لبغداد)) 15.01.08 7:47 | |
| ليلة الخميس كانت حالكة السواد، لم أر القمر من شباك غرفة نومي، اتصلت بأهلي في بغداد، سألتهم وأنا أشعر بخجل عميق: كيف حالكم؟. في فراشي تكورت مثل حلزون وحيد يغلق باب القوقعة على أحزانه. استيقظت في الفجر فزعة هرولت إلى جهاز التلفزيون وحركت أزرار الريموت كونترول، وسمعت صراخا وهياجا في الصالة. لقد كانت بغداد تغتصب.
نوافير الدخان والضوء والدم أفزعت كل الأعصاب الحسية في جسدي، وقبل أن يملي علي عقلي أوامره بالبكاء، تراءى لي وجه أبي وبدأت حساباتي الساذجة: أنهم يضربون بغداد وأبي يسكن في شارع فلسطين في الرصافة، قرب الجامعة المستنصرية و.. ولكني استدركت فجأة لأن أبي قد مات منذ ثلاث سنوات والأموات لا يموتون ثانية.. ولكن ماذا لو ضربوا القبور!
وأنا أقود سيارتي هذا الصباح كنت أعوم في غربتي، صوت جاري الإنجليزي كان غريبا وهو يلقي عليّ تحية الصباح ووجهه كان شديد البياض وعيناه اشد زرقة من كل يوم، السيارات التي تسير أمام وخلف وعلى جوانب سيارتي مثل كائنات خرافية تريد أن تبلعني، وهذه السيارة التي على يساري تزاحمني... إنهم يزاحموننا على أوطاننا فما بال الطريق؟ سددت بوجهه الدرب وفتحه له سائق السيارة التي أمامي، وقبل أن يستقر في الطابور لمحت على زجاج نافذة سيارته الخلفية كلمات بلون احمر "أوقفوا هذه الحرب الدموية"، خجلت من عدوانيتي، كنت أريد أن اعتذر.. لكن الوقت قد فات.
اتصلت بي صديقتي العراقية وقالت أن نوبة الربو قد فاجأتها اليوم دون أن تعرف لذلك سببا. الفضائيات تنقل صورا لبغداد الغارقة في قوس قزح رمادي واحمر وبني واسود والمراسل الذي تشاكس عيناه ذرات التراب يعلن بأن بغداد تبكي وحلا، شعرت بصعوبة في التنفس، غبار كثيف يلف بيتي، يحرق عيني ويخنق روحي، فتحت النافذة وغسل وجهي نسيم نظيف. في الخارج كانت الشمس مشرقة والأشجار موردة.. والعشاق غارقين في ربيعهم.
تحلق طلاب المدرسة الابتدائية حول الصغير، كانوا منفعلين لان صديقهم عراقي من تلك المدن الغريبة في أسمائها وملامحها وسحنات أهلها، سأله احدهم بسذاجة الصغار: هل تريد أن ينتصر العراق أم بريطانيا؟
كان سؤالا عسيرا والصغير محاطاً بالرؤوس الشقر والعيون الزرق التي تذكره بأنه يعيش في بريطانيا العظمى ويتكلم لغتها ويشرب من ماء التايمز، صمت قليلا ثم قال: لا أريد أن ينتصر احد، لأني لا أريد الحرب.
كانت تصرخ بهستيريا، إنهم يضعونها على طاولة الطوارئ بسرعة، لا تعرف ولا يعرف الأطباء بعد أي جزء من جسدها الشاب قد خرب أو أعطب أو جرح أو نزف، وقبل أن تطمئن على أن روحها ستبقى في جسدها تطلعت إلى المصورين المتحلقين حولها، وبلا وعي لملمت ملابسها وسحبت أطراف ثوبها من يد الطبيب وقالت وهي تولول بفجيعة الشابة البكر: ابتعدوا عني إنكم تنزعوني ملابسي؟
لقد عروا جسد بغداد وحرقوا عباءتها.. ولكن هل تغضب المدن؟
حين اسمع اسم البصرة يزغرد قلبي بالفرح، أتذكر عمي الصغير وعروسه الجميلة التي كانت تقطر بياضا ونظافة وعطرا، والذهب واللؤلؤ والشذر يخشخش بدلال في معصميها وأذنيها وجيدها، لقد كان زواجا بعد قصة حب صاعقة! وكان شهر العسل في البصرة، مشتى أهل بغداد ومحطة أعراسهم وعشقهم، وفي حفلة العرس غنى خميس مطرب الأعراس الأعمى أغنية مائدة نزهت الأليفة: "الليلة حنتهم.. بالبصرة زفتهم"، ووصل موكب السيارات التي تزف العروسين إلى محطة القطارات في جانب الكرخ في بغداد وتشابكت أيدي العاشقين ثم.. ثم قبلها بلهفة وصعد العروسان القطار، واختفيا في غرفة الدرجة الأولى المغلقة، وسمعت وقد كنت طفلة تتقافز في موكب العرس من يقول بصوت هامس: لا أظن بأنه سينتظر حتى يصل إلى فندق البصرة.
يزغرد قلبي كلما سمعت اسم البصرة.
تقول مذيعة التلفزيون إنهم يتقاتلون في قضاء أبو الخصيب في البصرة، هل وصلت أقدامهم إلى قرية جيكور.. ودار جدي.. ومنزل الاقنان؟ هل قطعوا خلوة السياب الغارق في ملكوت الشعر؟ ووفيقة معشوقة الشاعر.. هل أفزعتها أصوات الحديد والنار؟
مطفأة هي النوافذ الكثار ، وباب جدي موصد، وبيته انتظار ونهر بويب "الذي تتثنى على صفحته قوافل البط العراقي ويقطع صمته نداء عرائس البحر وجنيات الظلام وصرير أحلام غرقى" هل تفيأ عند جرفه الجنود الذين أتعبهم القتال:
فيدلهم في دمي حنين إليك يا بويب يا نهري الحزين كالمطر
تطفلت كاميرا التلفزيون على صمت الموتى، كان جسدا مكورا في رحم الأرض، لم يظهر وجهه لان العالم المتمدن لا يظهر وجوه قتلاه، لكن المصور كان إنسانا، أوقف كاميراته عند الكف المتيبسة، خاتم الزواج يلمع في إصبع كفه اليسرى، متزوج هو اذن. قد يكون أبا أو ربما ينتظر طفلا أو ربما اجل مشروع الطفل حتى يعود من الحرب. الكف ما زالت غضة وشابة، ربما عقد قرانه فقط وحولت حبيبته الخاتم من الكف اليمنى إلى اليسرى بانتظار الزفة والحنة ولمة الأهل وزغاريد الحبايب، الكاميرا تتباطأ قليلا، والكف التي يطوق إصبعها الخاتم تمسك بحفنة تراب وتشد القبضة عليها.. أهي حلاوة الروح؟ ألم الجرح؟ أو ربما تذكر هذا الرجل النشيد الذي نقرأة في "رفعة العلم" في ساحات مدارسنا كل خميس:
موطني.. موطني الجلال والجمال والسناء والبهاء في رباك أيها الإنسان أخي، يا أنت، يا قابيل خذ بيدي على الغمة اعني، خفف الآلام عني.. واطرد الأحزان
* أبيات للشاعر العراقي بدر شاكر السياب
أعزائي واحبائي في هذا المنتدى الكريم
نرى يومياً على شاشات التلفزة كيف يقتل مئات العراقيين الذين لاذنب لهم
ونرى كيف تحول عراقنا الحضاري إلى دمار وقتل ونهب وعمليات خطف عشوائية غير مبرر
أهدي هذه الخاطرة المتواضعة وأرجو عدم نقلها الى قسم الخواطر
أهديها لكل عراقي غيور وشريف في هذا العالم
صباح الخير لبغداد روحي
تعانق النصر
تعانق دمشق والقدسُ في المحنٍ
صباح الخير للعرب الراكضين إلى حتفهم
سترقصُ على أيقاع إلحان حتفهم
جُرارُ الحلمٍ
وتضاحك أزهارُ الندى
وتقول
بغداد لن تموت
لا .....لا.....لا
لن تموت
رجالاً وهبوا لله أنفسهم
وقادوا علوجاً لذل والعار
قد خضعوا
بغداد لن تموت
لا ....لا..... لا
لن تموت
| |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: خاطرة من نوع ثاني ((صباح الخير لبغداد)) 15.01.08 8:30 | |
| كلنا عراقيون
كلنا فلسطينيون
والأهم
كلنا عرب
سيأتي اليوم الذي سنرفع اعلام بلادنا المغتصبة عالياً
فوق أسوار القدس وفي شوارع بغداد وعلى تلال الجولان
وهو ليس ببعيد
تسلم ايدك اخي العراقي عالموضوع
دمت بخير |
|
roock007 -
- : عدد الرسائل : 1 تاريخ التسجيل : 27/12/2007
| موضوع: رد: خاطرة من نوع ثاني ((صباح الخير لبغداد)) 17.01.08 22:34 | |
| الله عليك يالعراقي دمت لنا بخير تحياتي | |
|
العراقي مشرف على فنجال قهوه مسائى مواضيع للنقاش الجاد والمنتدى الاقتصادى & السياسى والكوره
- : . : عدد الرسائل : 1201 العمر : 45 جنسيتك : تاريخ التسجيل : 25/10/2007
| موضوع: رد: خاطرة من نوع ثاني ((صباح الخير لبغداد)) 18.01.08 15:27 | |
| مشكوووووووووووووووووور زاير على المرور | |
|
العراقي مشرف على فنجال قهوه مسائى مواضيع للنقاش الجاد والمنتدى الاقتصادى & السياسى والكوره
- : . : عدد الرسائل : 1201 العمر : 45 جنسيتك : تاريخ التسجيل : 25/10/2007
| موضوع: رد: خاطرة من نوع ثاني ((صباح الخير لبغداد)) 18.01.08 15:28 | |
| مشكوووووووووووووووووووور روك على المرور | |
|