«جمعة الغضب».. مظاهرات واشتباكات وحظر تجول

وضعت
الأحداث المتلاحقة أمس مصر أمام لحظة مصيرية ستشكّل علامة فارقة في
التاريخ المصري، فقد امتدت المظاهرات والاحتجاجات التي انطلقت عقب صلاة
«جمعة الغضب» من القاهرة إلى باقي المحافظات مما استدعى أن يفرض الرئيس
محمد حسني مبارك بصفته الحاكم العسكري حظرا للتجول.

وقد
توالت الاشتباكات والتظاهرات في المحافظات والمدن المصرية في اليوم الرابع
من مظاهرات غير مسبوقة بين المتظاهرين والامن المصري امس.

من
جانبها قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية ان فرض حظر التجول جاء
«نظرا لما شهدته بعض المحافظات من أعمال الشغب والخروج على القانون وما
شهدته من أعمال النهب والتدمير والحرق والاعتداء على الممتلكات العامة من
مراكز للشرطة وغيرها والخاصة بما في ذلك بعض البنوك والفنادق»، كما أصدر
الحاكم العسكري بحسب الوكالة، قرارا بإنزال القوات المسلحة، لمساعدة جهاز
الشرطة لتنفيذ هذا القرار، بينما قال شهود عيان ان عربات الجيش توجهت إلى
مبنى الإذاعة والتلفزيون.

وقد
خاضت الشرطة والمتظاهرون امس من بعد صلاة الجمعة اشتباكات في شوارع
القاهرة، وقال شهود ان قوات الامن أطلقت الرصاص المطاطي وقنابل الغاز
المسيل للدموع ومدافع المياه على المحتجين الذي القوا عليها الحجارة.

واستجابة
لدعوة النشطاء، تظاهر آلاف المواطنين المصريين امس فيما أطلقوا عليه يوم
«جمعة الغضب» بعد صلاة الجمعة، وانتشرت قوات الشرطة في انحاء القاهرة وعطلت
السلطات مواقع الانترنت وشبكات الاتصالات في محاولة لمواجهة الاحتجاجات
لكن العنف اندلع بمجرد انتهاء صلاة الجمعة.

وقال
شهود ان المحتجين الغاضبين تجمعوا بالقرب من قصر رئاسي في ضاحية مصر
الجديدة بالقاهرة وخرجت المظاهرات في مدن عديدة في انحاء البلاد، ودوت
الهتافات في وسط القاهرة مطالبة بالتصحيح السياسي والاقتصادي.

وذكرت
مجموعة فودافون للاتصالات ان كل شركات تشغيل الهاتف المحمول في مصر تلقت
توجيهات بتعليق الخدمات في مناطق معينة، فيما قال نشطاء انها محاولة لمنع
المحتجين من التواصل وتنظيم صفوفهم.

وانضم
محمد البرادعي، الحاصل على جائزة نوبل للسلام، الى حوالي الفي شخص ادوا
صلاة الجمعة في احد احياء الجيزة التي يفصلها نهر النيل عن وسط القاهرة،
الا ان قوات الامن منعته من الاشتراك مع المحتجين في التظاهرات، وترددت
الانباء عن وضعه تحت الاقامة الجبرية.

وقد
تخللت المظاهرات اشتباكات ومواجهات أسفرت عن مقتل 5 مواطنين واصابة 870
آخرين. ولكن المتظاهرين لم يستجيبوا لحظر التجول واستمرت الاحتجاجات ليلا
حيث قالت مصادر انهم اقتحموا مبنى مجلس الشعب المصري بعد ان احرقوا مقر
قيادة الحزب الوطني الحاكم وسط القاهرة وهاجموا مقرات مهمة مثل وزارتي
الإعلام والخارجية. فيما قالت وسائل الاعلام إن المتظاهرين سيطروا تماما
على شوارع الاسكندرية بعد ان انسحبت عناصر الامن من الشوارع والساحات.

اشعال النار

وقال شهود ان محتجين أشعلوا النار في مبنى محافظة الإسكندرية بعد استيلائهم عليه وان أعمال نهب وسلب جارية في المبنى.

وأضاف
احد الشهود أن محتجين اقتحموا مبنى قسم شرطة العطارين القريب وأشعلوا فيه
النار وحرروا المحتجزين داخله. وتابع ان مأمور قسم الشرطة ونائبه غادرا
المبنى هربا من المحتجين الذين أشعلوا النار أيضا في سيارة للشرطة.

وقال
شاهد في مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة ان متظاهرين أشعلوا النار في
مقر مباحث أمن الدولة ومقر الحزب الوطني بعد فرار قوات الأمن.

وفي
نفس السياق، أكد شهود ان متظاهرين في مدينة كفر الدوار بالمحافظة أشعلوا
النار في مركز الشرطة بالمدينة وفي مبنى المحكمة وان عشرات من المحتجين
أصيبوا باختناق جراء القصف بقنابل الغاز المسيل للدموع. وفي مدينة المحلة
الكبرى بمحافظة الغربية قال شهود ان محتجين أشعلوا النار في قسم شرطة أول
المحلة وأشعلوا النار في سيارة للشرطة.

وأضاف
الشهود ان المحتجين أشعلوا النار في قسم شرطة مدينة سمنود. وفي مدينة طنطا
عاصمة محافظة الغربية أشعل محتجون النار في قسم شرطة أول طنطا وقسم شرطة
ثاني طنطا وحطموا واجهة مقر أحد البنوك.

احراق مقر «الوطني»

وفيما
اشتعلت النيران في المقر المركزي للحزب الوطني الحاكم الواقع على كورنيش
النيل في قلب القاهرة مساء الجمعة، بحسب التلفزيون المصري الذي عرض صورا
لألسنة اللهب تتصاعد منه، قال شاهد عيان إن محتجين اقتحموا استراحة محافظ
الأقصر ومقر الحزب الوطني في المحافظة ومقر المجلس الشعبي المحلي واشعلوا
النار في المباني الثلاثة.

وأبلغ
الشاهد «رويترز» في اتصال هاتفي إن المحتجين حطموا واجهة مقر الحزب
بالكامل قبل إشعال النار. الى ذلك، قال شاهد من «رويترز» إن مصريين حملوا
جثمان قتيل من المحتجين وساروا به في شوارع مدينة السويس بعد اشتباكات مع
الشرطة التي انسحبت من مناطق في وسط المدينة لتترك بعض الشوارع الرئيسية
للمتظاهرين وصرخ أحد المتظاهرين قائلا «قتلوا أخويا (أخي)».

وعرف المحتجون القتيل باسم حمادة لبيب (30 عاما) ويعمل سائقا وقالوا إنه أصيب بعيار ناري.

وقال
شاهد من «رويترز» إن الشرطة انسحبت من مناطق في وسط المدينة الصناعية
المطلة على البحر الاحمر بعد المظاهرات التي تغلب فيها آلاف المحتجين على
صفوف قوات الأمن وأشعلوا النار في نقطة للشرطة. وكانت الشرطة قد حاولت
تفريق المحتجين الذين قذفوها بالحجارة، إلا أن الشرطة عجزت عن احتواء
المظاهرات وتراجعت لتترك وراءها نحو 8 شاحنات كبرى على الأقل تابعة لها.
وحطم المحتجون نوافذ إحداها وحاولوا قلبها.

ردود الفعل الدولية

على
صعيد ردود الفعل الدولية اعربت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون
عن مشاعر «القلق» البالغ ازاء استخدام رجال الشرطة العنف ضد المتظاهرين.

واضافت
في تصريحات خاصة بالاوضاع في مصر أنه ينبغي لمصر أن تسمح بالاحتجاجات
السلمية وتكبح قوات الأمن وتلغي خطوات اتخذتها لقطع الاتصالات وذلك مع
اشتعال الاحتجاجات في عدة مدن بالبلد الحليف الرئيسي لواشنطن.

وقالت
كلينتون «نشعر بقلق عميق بشأن استخدام العنف من جانب قوات الشرطة والأمن
المصرية وندعو الحكومة المصرية إلى بذل قصارى جهدها لكبح قوات الأمن»،
واستدركت قائلة «في الوقت نفسه ينبغي للمحتجين الامتناع عن العنف والتعبير
عن أنفسهم سلميا».

بينما قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان «مطالب» المتظاهرين «مشروعة» داعيا جميع الاطراف الى تجنب العنف.

وقال هيغ «اشعر بقلق بالغ للصور التي شاهدتها من مصر».