الوطن البعيد

موضوع: الوطن البعيد 03.12.07 2:09

جلست هناك جلستها الباكية..الناحبة..

اقترب منها في بطء شديد..استطاع ان يسمع نحيبها المفزع!
شعر ان الارض ربما تكتب وصيتها الاخيرة..
شعر ان السماء تتلو التشهد وتسقط في عنف..
شعر ان القمر..القمر الذي تبع الارض لالاف السنين،طفح كيله وطفق يحزم امتعته ويستعد للرحيل.
نادى اسمها في تردد..خرج صوته مخنوقاً..كئيباً.
لكنها سمعته..رفعت اليه عينين داميتين تكادان تخرجان من محجريهما..
اظلمت الدنيا امام عينيه..
كيف؟..من يجرؤ؟
ذلك الملاك الرقيق الذي يجلس في رقة على تلك الصخرة الصغيرة..
من جرؤ على اهانته؟..من جرؤ على اسالة دموعه بهذا الشكل؟
جلس بجوارها في لهفة..احتضنت يدها اصابعه في رقة.
نظرت الى عينيه نظرة مستنجية..مستغيثة..
شعر ببحر جديد يجف..ببركان هائل من حمم المشاعر الملتهبة.
اراد ان يقول انه اسف..انه تمنى لو ولدت في مكان اخر..
في عالم اخر..
لكنه لم يستطع..تلك الغصة التي قتلت حلقه..
تلك الاحاسيس التي اعتملت بداخله..
لم ينطق ،لكنها فعلت.
لابد ان ذلك الصوت الذي خرج من ثغرها قد اتعب الكثيرين..
لابد ان اعظم الملحنين جلسوا ساعات كي ينظموا مفاتيحه..
لابد ان عازفي الالات الموسيقية قد قضوا نحبهم محاولينتقليد نغمات صوتها الرقيقة..
قالت له في حزن:-
-"لم اعد احتمل.!!"
أراد ان يخفف عنها..اراد ان يأخذها ويحلق مبتعدا..
الى عوالم اخرى بكر لم تدنسها قدم بشري من قبل..
ربما الى اراضٍ منسية في غياهب الكون السحيق..
لكن كل ما استطاع فعله هو انه اشار باصبعه.
اشار باصبعه الى هناك..الى ما بعد البحر الأخضر الغادر..
اشار باصبعه الى ما بعد حدود عالمهم الكئيب القذر..
وقال في صوت متردد وجل:-
-"هناك..يا عزيزتي،على امتداد البحر الأخضر ، ارض جميلة..
ارض طاهرة وعفيفة..
هناك ،تنتشر الخيرات..والاخلاق الحميدة..
فتاة رقيقة مثلك قد تحيا حياة الملوك..
هناك..خلف جدران العقل المقيدة..
توجد ارض ناعمة..يرعاها اهلها وترعاهم..يحبونها وتحبهم.
هناك..دمعة واحدة من عينيك قد تساوي الكثير..
قد تساوي نيزك عملاق يحطم الارض بعنف ويكتب اجلها..
قد تساوي سنوات فيضان جارف يأتي بقمم الجبال."
لمعت عينيها في شغف يائس..
ضغطت على اصابعه برفق وقالت:-
-"لكن اين؟؟..اين هو هذا المكان الجميل؟؟"
عاد يشير الى ما بعد البحر الأخضر القبيح وهو يقول:-
-"انه هناك..في الوطن البعيد.."
ابتسمت ابتسامة حالمة..ذهبت السحب الكئيبة وخرجتاشمعة الشمس الحانية فجأة
اخيرا ابتسمت..
لكنها لم تلبث ان عبست مرة اخرى وهي تقول:-
-"لكن.. لكن كيف نصل الى هذا الوطن البعيد؟..
ان الوطن البعيد يبدو..."
بدا انها لم تجد ما تقوله..فكرت ثوان ثم اضافت:-
-"يبدو بعيدا جدا"
ضحك ضحكة صافية..
تلك الورقة الرقيقة..من يرعاها؟..من يثني عليها؟..
احتض جسدها بذراعيه وهو يهمس في اذنها:-
-"يوم ما..سنصل انا وانتي الى هناك..
ووقتها، سنعرف كيف تكون الحياة سعيدة بحق.."
شعر ببدنها يقشعر بين ذراعيه..
استكانت بين جوانحه..
شعرت بالهدوء والامان..
هي فياحضانه..تبا..فلتزئر العاصفة
تمنى وقتها لو ذابت خلاياهما سوياً..
لكنه شعر بالحزن..شعر انه وغد..حقير..
كيف استطاع ان يكذب على ذلك الملاك الفاتن؟؟!!
رغم كل ما قاله الا انه يعلم..
يعلم انه مهما حدث..لن يصلوا ابدا الى تلك الأرض التي حدثها عنها..
شعر انه دنس برائتها..خان عهدها..
لكن لم يكن بيده شيء كي يفعله..
ربما عاشا في عالمهما الان لكن ربما..
فقط ربما..تتاح لهما الفرصة ليعيشا في تلك الأرض الخالدة الفاضلة..
الوطن البعيد.

زائر

كلمات رائع منتقاه جيد

تقبل مروري اخي الفاقد

;)

زائر

مرررررة فزيييييييعة

بجد كلمات في الصميييييم

صح لسان الكاتب ..

وتسلم على الإختيار الجميل

موضوع: رد: الوطن البعيد 07.12.07 6:25

قمة الأحساس

وتقبل خالص تحياتي

موضوع: رد: الوطن البعيد 07.12.07 14:43

تقبل مروري

مشكور

» الفجر البعيد ♪ ابعاد من حفل عدن 2004
» الفجر البعيد ابعاد من حفل عدن 2004
» الفجر البعيد محمد عبده
» الوطن العربي
» من المغرب الحيب إلى الوطن الحبيب