وهناك من يحرص على التقاط صورة للذكرى على أيدي مصورين متجولين، يكسبون رزقهم، بعرقهم في
ساحة تحمل اسم «المعاكيز» أي الخاملين. ويقال ان السبب في هذه التسمية يعود إلى تاريخ قديم، أيام
القوافل التجارية، كان فيه التجار الناشطون ينزلون إلى السوق للبيع والشراء، بينما يجلس الخاملون منهم
تحت الطلال للاستراحة من تعب الرحلة، فيستغرقهم النوم، ولا يقومون بالمهمة التي قطعوا المسافات
من أجلها.وبالفعل، فإن المكان متنفس طبيعي، مفتوح على البحر والفضاء، ويضج بالحركة والناس، وشغب
الأطفال. وتوجد بالقرب منه محلات وأكشاك الجرائد، ومطاعم تقدم كل أنواع المأكولات المغربية والفرنسية
والاسبانية والإيطالية. ومنذ مدة أطلق رسميا من طرف السلطات المحلية على المكان لقب «ساحة
مدينة فارو البرتغالية»، بمناسبة ذكرى توأمتها مع مدينة طنجة، كـ «حدث يوثق علاقات الإنسان بأخيه
الإنسان»، لكن لا أحد من السكان يحفظ هذا الاسم الجديد أو يتذكره الكل يعرف فقط «سور المعاكيز».
وطنجة أيضا مدينة السهر وتشتهر باحتضانها لفضاءات تغري بالاستجابة لنداءات كلمات عمر الخيام التي
يشدو بها صوت أم كلثوم في المرابع الليلية «فما أطال النوم عمرا، ولا قصر في الأعمار طول السهر!».
ومعروف عن سكانها حبهم للسهر، والجلوس في المقاهي والمطاعم، إلى ساعة متأخرة من الليل، ويذهب
البعض إلى حد القول إن هذه العادة مكتسبة من خلال معاشرتهم للإسبان المعروفين بافتتانهم وعشقهم
للحياة!. وإذا كانت القوة السياحية الضاربة لطنجة تكمن في جماليتها، فإن السكان لا يخفون تذمرهم مما
لحقها في السنوات الأخيرة من خدش لمشهدها العمراني العام، من خلال البناء العشوائي الذي ينمو في
جنباتها مثل نبات الفطر، إضافة إلى عمارات سكنية حديثة تحل محل الحدائق الخضراء، فيما يشبه هجوما
كاسحا بالاسمنت المسلح على كل شبر فيها لاستثماره عقاريا.
غير أن هناك جهودا مكثفة مبذولة، على المستوى الرسمي، من أجل الحفاظ على صورتها وتحسين
بنيتها التحتية، واستغلال كل مؤهلات المدينة وروافدها الطبيعية والتاريخية،
لتصبح نموذجا يحتذى به في الترويج التجاري والنهوض السياحي والثقافي والفني. وتنامى هذا الاهتمام
بالخصوص، بعد أن أخذ الملك محمد السادس يتردد على المدينة باستمرار، في العطلة الصيفية، وفي
العديد من المناسبات، مما جعلها محجا لكبار الشخصيات القادمة من الخارج . وهناك الآن عدة أوراش
مفتوحة للبناء، من بينها «الميناء المتوسطي»، وهو مشروع تنموي واقتصادي كبير، اضافة إلى سلسلة
من المشاريع الطموحة لترسيخ مكانة طنجة وإعادة الاعتبار إلى موقعها واشعاعها التاريخي والسياحي.
تحياتى ,,,,,,