أعدِ الوداعَ فما أراكَ تراني و أطلْ بكاكَ لبينِ أهلِ البانِ
فغدا يفارقكَ الفريقُ فتنثني متحسراً لتفرقِ الخلانِ
و أراكَ تنكرُ حبَّ زينبَ بعدما شهدتْ عليكَ مدامعُ الأجفانِ
و لمَ اختدعتَ فبعتَ قلبكَ يومَ ذي سلمٍ بلا ثمنٍ فهلْ لكَ ثاني
لولاَ النسيمُ الحاجريُّ وروحهُ ما بتَّ تندبُ روضة َ الريحانِ
و بأبرقِ الحنانِ منزلُ زينبٍ أفلاَ تحنُّ لأبرقَ الحنانِ
نزلوا على الريانِ منْ سفحِ اللوا فإذا بنا ظمأٌ إلى الريانِ
و ها لهمْ منْ جيرة ٍ ما طابَ لي زمنُ الصباإلا وهمْ جيراني
و أنا الفداءُ لهاجرٍ متعتبٍ نسخَ الوصالَ بمحكمِ الهجرانِ
أكرمتهُ فأهانني وحفظتهُ فأضاعني وأطعتهُ فعاصني
ليتَ الذي كتبَ الفراقَ يعيدُ لي زمني وجيراني بشعبِ زماني
و يهبُّ روحُ الأنسِ منْ قبلِ الحمى و أرى خييماتِ الحمى وتراني
و إلى الجنابِ الأهدلي رمتْ بنا نجبٌخلطنَ السهلَبالأحزانِ
و نزلنَ منْ كنفي سهامِ بساحة ِ ال قمرِ المنيرِ سنا سما الإيمانِ
سيفُ الهداية ِ أحمدُبنُمحمدٍ علمُالعناية ِقارئُالقرآنِ
هوَ في المراوعة ِ الخصيبة ِآية ٌ بشرية ٌشهدتْبه الثقلانِ
و دلائلُ الخيراتِ فيهِ فإنهُ كالشمسِِلا تخفى بكلِمكانِ
لا تقصدنَّ سواهُفهوَخليفة ُ الرحم نِ وابنُ خلائفِ الرحمنِ
وانزلْ عليهِ فما نزلتْ بسوحهِ إلا نزلت على أبي الضيفان
أبا محمدٍ أنتَ غاية ُمطلبي في النائباتِو صارمي وسناني
و بنورِو جهكَ رفعتي وكرامتي و أمانُخوفي بعدَ خوفِ أمانِ
صورتَ منْ حسبٍ ومنْ نسبٍ ومنْ أدبٍو منْيمنٍو منْ إيمانِ
خلقتَ منْ شرفٍ ومنْ كرمٍ ومنْ ملكٍ ومنْ قمرٍ ومنْ إنسانِ
مزجتْ طباعكَ بالسماحة ِ والوفا فحوتْجميعَالحسنِ والإحسانِ
شرفٌأنافَإلى منافٍ وانتهى كرماً فما داناهُ بعدُمدانِ
منْدوحة ٍنبوية ٍعلوية ٍ في أصلها الزهراءُ والحسنانِ
و الأهدليونَ الكرامُ فروعها و ثمارُ ذاكَ المنصبِ الصنوانِ
لولاَ على ُّ الأهدليُّالسامي الذرى ما افترَّ نورُ جواهرِ الأكوانِ
منْأينَيدركُمدحهُهيهاتَلا و اللهِما قاصٍإليهِو دانى
و هوَالمصفى منْ ذؤابة ِهاشمٍ فردُالزمانِو فردُ كلِّزمانِ
و أبوهُحيدرة ٌو أحمدُجدهُ و أخوهُعبدُالقادرِالجيلاني
أضحى مراراً في سهامٍبتربة ٍ مزجتْبسرِّالبيتِذي الأركانِ
شهدتْ مشاهدهُاو أشرقَنورها و علتْمراتبهاعلى كيوانِ
فيهِالإمامُابنُالأئمة ِإنهُ في الناسِ مثلُالزهرِفي البستانِ
سلفُ أبو خلفٍغدتْآئارهمْ في الجودِمثلُشرائعِالاعيانِ
ملأٌبنوملإٍبحورُنوافلٍ و بدورُ أندية ٍو حلوُمجانِ
ماذاتعاملُيا شهابَالدينِمنْ بالرغمِباعَ الربحَ بالخسرانِ
فقرٌ وإفلاسٌُ ودهرٌ خائنٌ و همومُعائلة ٍو ضيقُمكانِ
و عظيمُدينٍلا يقومُبحملهِ رضوىو لا الصخراتُمنْثهلانِ
و حواسدٌ وصوامتُ قدْ قطعوا نسبي وباعوني بسوقِ هوان
هلْ منكَ لي يا ابنَ الأهيدلِ عطفة ٌ تغنى بها فقري وتصلحُشاني
و تقيلني منْ عثرتي وتريحني بالجودِ منْ همي ومنْ أحزاني
فوَ حقِّ منْ تعنو الوجوهُ لوجههِ ذي العزة ِ الباقي وكلٌّفاني
مالي إلى أحدٍ سواكَ علاقة ٌ ترجى ولا سببٌيقودُعناني
و سمعتُمنْأمِّالعيالِتوعداً و تهدداً ما كانَ في حسباني
رجبٌو شعبانٌقطعتُمداهما صبراً وعزَّالصبرُفي رمضانِ
فبحقِّحقكَ برني وأمدني بعورفٍو عواطفٍو حنانِ
فلقدْقصدتكَمادحاً لكَلائداً بكَمستجيراً منْعنادِزماني
فقنيبجاهكَ منْ همومِالفقرِ في الدنيا وفي الآخرى منَ النيران
و بقيتَ يا قمرَ الكمالِ مكرماً و منعماً بالروحِ والريحانِ
ماهبَّ نجدى ُّالنسيمِو ماشدتْ و رقاءُ ساجعة ٍعلى الأغصان ِ
و تقولُيا سبوحُيا قدوسُيا رباهُيا غوثاهُ يا منانِ
******************
عبد الرحيم أحمد بن علي البرعي اليماني شاعر وأديب عربي يمني من العصر الرسولي من سكان برع وهو جبل من جبال تهامة من ما يلي اليمن ولد وعاش في قرية من ذلك الجبل تدعى النيابتين, هي اليوم من محافظة الحديدة. كان يقطن منطقة برع بطن من حمير (انظر التاج مادة برع) ينسب إليه رجال جلهم من أهل القرنين الثامن والتاسع كعلي بن أبي شيخ القراء بالمن في زمن الجزري (طبقات القراء). لم يذكر المؤرخون وأهل التراجم مولد البرعي ولا طفولته ومنشأه وليس لدينا أي خبر من حياته إلا ما ذكر الزركلي من أنه أفتى ودرس (الأعلام ترجمة البرعي) ويتضح من شعره انه كان على قدر رفيع في اللغة والسيرة النبوية وأنه كان يميل إلى التصوف وأصحابه فتتلمذ على الشيخ همر بن محمد العُرابي ومدحه وهذا الشيخ من أصحاب الخرقة ومن السائحيين الذين يعتقد فيهم الكرامات. ولا يبدو أن البرعي كان من أهل السياحة بل لم يكن يحتمل النأي عن وطنه وبنيه الذين كان شديد العطف عليهم ولعله لم يكن مقترا عليه إذ لا نرى العظماء في سلطانهم كالشيخ أحمد بن أبي بكر الرداد المتوفي سنة 821 هـ (انظر أنباء الغمر للعسقلاني) ومن من مدح من أهل الفضل والرياسة بنو مكدش بطن من السمالعة باليمن منهم الفقيه الإمام محمد بنه مستجديا إلا الأفاضل العلماء دون الأغنياء والعظماء. وجل جلسائه واصدقائه من ذوي الفضل ولعل استنكافه عن مجالس الأمراء تعفف منه على أن من الأفاضل الممدوحين من كان يضاهي الأغنياء في ثرائهم وإسماعيل المكدس (ت 778) وولده عمر صاحب العلم والجاه (ت 840) وصفهم الزبيدي ببيت الرياسة والعلم في بلادهم (انظر التاج). توفي ببرع بين بنيه وذويه في تاريخ مختلف فيه إلى حد أن بعضهم كأحمد خير بك في (إزالة الشبهات) والبابني في (هدية العارفين) ذهب إلى أنه من رجال القرن الحامس وهو وهم لا شك. وأما الزركلي فيقدم تاريخا لست أدري أين وجده وهو على كل أقرب إلى الحق من القول السابق. يقدم الزركلي سنة 803هـ و إنما أتسائل عن مصدره لأن البرعي مده الشريف حسين الأهدل وهو أحد رجال بني علي الأهدل شرفاء من أهل المراوعة وزبيد مدحهم البرعي كثيرا إلا أن الحسين هذا ولد سنة 779 ونزل الرماغة حيث ذووه سنة 795 كما أورد السخاوي فأني يمدحه البرعي بقوله: فهذا وإن كان العقل لا يمنع أن يمدح به شيخ هرم شابا لما يبرز بعد فإن العرف يأباه ثم إن كثيرا من ممدوحيه توفوا سنين بعد 803 كأحمد الأهدل المتوفى 819 هـ وأحمد بن أبي بكر الرداد المتوفى كما تقدم سنة 821 هـ. و على كل فقد ذكر المرتضى أن له مقاما عظيما ببلدته وذرية صالحة. أما ديوانه فأكثره في المدح النبوي أو الابتاهالات. وهو عند النقاد يمثل درجة عالية من هذا الفن. بل إنه يحسب من طبقة البصيري وللصوفية ولع بشعره, وفي موريتانيا يكثر المطربون من الغناء به. يرى كثير من الناس أن في شعره غلو ومحالفات عقائدية. من أشهر قصائده في المديح النبوي قصيدته التي مطلعها : قلْ للمطيِّ اللواتي طالَ مسراها منْ بعدِ تقبيلِ يمناها ويسراها